حزب الله وإسرائيل وحسابات المعركة الحاسمة…
تحاول إسرائيل أن تظهر بمظهر المنتشي، وسارع نتنياهو وغالانت ورئيس الأركان هارتسي هاليفي للإعلان عن تحقيق النصر في هذه الحرب ضد محور المقاومة، بعد أن نجحت إسرائيل وبمساعدة حليفتها الأولى الولايات المتحدة الامريكية، بتنفيذ عملية اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
حزب الله وإسرائيل وحسابات المعركة الحاسمة….
اكرم كمال سريوي
تحاول إسرائيل أن تظهر بمظهر المنتشي، وسارع نتنياهو وغالانت ورئيس الأركان هارتسي هاليفي للإعلان عن تحقيق النصر في هذه الحرب ضد محور المقاومة، بعد أن نجحت إسرائيل وبمساعدة حليفتها الأولى الولايات المتحدة الامريكية، بتنفيذ عملية اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
من الطبيعي أن يحاول الإسرائيلي استثمار نجاحه في هذه العملية الإرهابية، لكنه وقع في نفس الخطأ الذي ارتكبه داني حالوتس عام 2006
عندما سارع في اليوم الأول للحرب، للإعلان بأن إسرائيل انتصرت على حزب الله وثم انتهت المعركة بإخفاق وفشل في تحقيق الأهداف المعلنة، وتم تشكيل لجنة تحقيق إسرائيلية للبحث في سبب الأخفاق.
كذلك سارع بعض المحللين والإعلام العربي والدولي، إلى الاستنتاج بأن حزب الله انهار بعد تلقي هذه الضربات المؤلمة، التي أدت إلى استشهاد عدد كبير من قادة الصف الأول، إضافة إلى استشهاد السيد حسن نصرالله.
وتُشيع إسرائيل أنها مستمرة في التصعيد، وتتحضر لشن هجوم بري محدود على لبنان.
يتناسى البعض أن حزب الله يقوم على تنظيم دقيق، وايديولوجيا ايمانية جهادية، ولديه آلاف القادة الذين يتمتعون بخبرة قتالية عالية، وتمرّسوا في القتال وتابعوا دورات متقدمة جداً، إضافة إلى الروح القتالية النضالية الاستشهادية التي يتمتعون بها.
لن يحدث أي فراغ في المراكز القيادية في حزب الله لا السياسية ولا الميدانية، وهناك كفاءات كبيرة ستملأ هذه المراكز وتقوم بواجباتها على أكمل وجه، وكل هؤلاء هم من المطلعين على تفاصيل الميدان والخطط وطرق مواجة العدو، واستفادوا من التجارب العملية لتصحيح الأخطاء وسد الثغرات.
البيان الذي صدر عن قيادة حزب الله والذي نعى فيه استشهاد أمينه العام السيد نصرالله، يوضح أن كل الأمور هي تحت السيطرة وهناك تماسك وانضباط كاملين، وأن من يقوم بمهام القيادة يملك كل الكفاءة والقدرة والوسائل اللازمة لاكمال المسيرة، وتحقيق الأهداف التي رسمها السيد نصرالله لهذه الحرب.
صحيح أن الحزب تعرّض لعدة ضربات مؤلمة وخسارة كبيرة، لكن القوة العسكرية للحزب خاصة على جبهة الجنوب، أثبتت أنها ما زالت بكامل جهوزيتها، وهي ترد على ضربات العدو بوتيرة أعلى من السابق، وجاهزة للتصدي لأي هجوم بري للعدو.
لا أحد يشك أن إسرائيل تمتلك تفوقاً جوياً، وزودتها أمريكا بأحدث الطائرات وأكثر القنابل فتكاً، لكن الرهان على سلاح الجو وحده في تحقيق النصر أمر غير صحيح، ومهما اشتدت الضربات تبقى الطائرات عاجزة عن فرض السيطرة على الأرض، ورفع العلم ولو على تلة صغيرة.
يختبئ الآن جنود العدو في مراكز محصنة تحت الأرض، ولكن الهجوم البري يتطلب الخروج من المخابئ، والتحرك على الطرق والممرات الإلزامية عبر الهضاب والأودية في جنوب لبنان، وهذا يشكّل ظروفاً مثالية لعمل المقاومة، التي تمتلك آلاف الصواريخ المضادة للدروع من نوع كورنت والماس، والتي يصل مداها إلى 10 كلم ودقة اصابة 99%.
إن المواجهة المرتقبة بين صواريخ المقاومة ومدرعات وآليات العدو الإسرائيلي، إضافة إلى ترسانة مسيّرات المقاومة، ستكون دون شك في صالح حزب الله، وسيتكبد الإسرائيليون خسائر لا تخطر ببالهم.
اذا دخل الإسرائيلي إلى الأراضي اللبنانية، سيصبح قوة احتلال ويعطي المقاومة شريعة أكبر في وجودها واستهدافه، خاصة أنه سيكون مجبراً على التمدد والبقاء في مناطق مكشوفة، وهذا يجعله أهدافاً سهلة للمقاومة.
هذا إضافة إلى أن الجيش الإسرائيلي الذي استقال عدد من كبار قادته وضباطه، هو ليس في أفضل حالاته، بعد حوالي عام من الحرب في غزة وعلى جبهة لبنان.
بعد ما حصل يوم الجمعة الفائت، لم يعد حزب الله قادراً على التراجع، وبات عليه اكمال المعركة كما أرادها السيد نصرالله.
وهذا يعني أن الإسرائيلي لم يُنهِ المعركة، فما يظنه أنه نصراً سيتحول إلى مأزق حقيقي، فهو لا يستطيع وقف الحرب، ولا يستطيع اكمالها واستمرارها إلى أمد طويل بات يستنزف كل قدراته، ولن يعيد المهجرين إلى الشمال.
أما حزب الله فسيستمر باطلاق الصواريخ على إسرائيل، بوتيرة تصاعدية، تستنزف قدرات جيشها، ولن تنتهي الحرب وفق ما يريده نتنياهو، ولن يتمكّن من فرض شروطه على لبنان.