اخبار روسيا
أخر الأخبار

هل تحتاج روسيا فعلاً إلى الصواريخ الباليستية من  إيران؟

يتردد كثيرًا في وسائل الاعلام الغربية عن نقل إيران لصواريخ بالستية إلى روسيا، ورغم النفي الروسي لهذا المر والتي تعتبر الأمر مجرد ضجة إعلامية تدخل في سياق الحرب الإعلامية ضد روسيا، والتي دأبت عليها أوساط غربية منذ بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، ولكن نظريًّا من غير المرجح أن تمنع العقوبات وقرارات الأمم المتحدة إيران من نقل صواريخها إلى روسيا إذا قررت طهران اتخاذ مثل هذه الخطوة.

هل تحتاج روسيا فعلاً إلى الصواريخ الباليستية من  إيران؟

كتب الدكتور نزيه منصور – باحث في الشأن الروسي 

 

يتردد كثيرًا في وسائل الاعلام الغربية عن نقل إيران لصواريخ بالستية إلى روسيا، ورغم النفي الروسي لهذا المر والتي تعتبر الأمر مجرد ضجة إعلامية تدخل

في سياق الحرب الإعلامية ضد روسيا، والتي دأبت عليها أوساط غربية منذ بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا

ولكن نظريًّا من غير المرجح أن تمنع العقوبات

وقرارات الأمم المتحدة إيران من نقل صواريخها إلى روسيا إذا قررت طهران اتخاذ مثل هذه الخطوة.

ولكن هناك عقبات أخرى قد لا تزال تعيق هذه العملية، وأبرزها سوء تقدير الغرب لقدرات روسيا الدفاعية

وقدراتها على تصنيع ما تحتاجه من ترسانة عسكرية قادرة على تحقيق أي أهداف دفاعية بما يتناسب والعقيدة الروسية الدفاعية.

وربطًا لهذا الموضوع بما يجري في اليمن، والأعمال القتالية لأنصار الله هناك، أي الحوثيين

الذين تدعمهم إيران، يظهر عملانيًّا أنه لا توجد قرارات للأمم المتحدة ولا قرارات على الإطلاق

تمنع إيران من تزويد الحوثيين بالصواريخ الباليستية.

في الوقت الذي يعتمد نظام العقوبات ضد روسيا على تسوية بيروقراطية. هناك حصار بحري كلاسيكي كامل

عندما تقوم سفن الدول الغربية بدوريات، تحاول اعتراض السفن التي تحمل مختلف الأسلحة المهربة من إيران إلى اليمن

بدءاً من الرشاشات والذخائر والصواريخ المضادة للدبابات وانتهاءً بمكونات الصواريخ الباليستية.

أي أن إيران تصنع هذه الصواريخ في الداخل، ثم تقوم بتجزئتها إلى أجزاء بعناية ودقة

ثم تنقلها على دفعات مختلفة على متن سفن مختلفة.

وحتى إجراءات الحظر هذه لم تساعد في ضمان امتلاك الحوثيين لمجموعة كبيرة من الأسلحة الإيرانية. إذ يمتلكون طائرات شاهد-136

ونسخ بدائية من طائرات X-55 السوفييتية التي تخرق أجواء المملكة العربية السعودية

ولديهم أيضًا صواريخ باليستية، بما في ذلك صواريخ يصل مداها إلى ألف كيلومتر.

أما السخرية فتكمن في الموقف الإيراني من الوضع هناك، فهي من ناحية تقدم مساعدتها للحوثيين

ومن ناحية أخرى، تخرج بمبادرات من أجل صنع السلام مع المملكة العربية السعودية.

وهنا يطرح سؤال منطقي – إذا لم يكن هناك ما يمنع إيران من بيع الصواريخ حتى في مناطق حساسة مثل الخليج الفارسي

فلماذا يسود الاعتقاد أن إيران ستكون مشارك مطيع للقانون والنظام العالمي لدرجة

أن قرار الأمم المتحدة وحده هو الذي يمنعها من إعطاء الصواريخ إلى الاتحاد الروسي؟

قصة غريبة بشأن اختيار نماذج الصواريخ التي يقال إن إيران ستقدمها لروسيا!

جرى الحديث للمرة الأولى عن أن إيران قدمت لروسيا صواريخ من نوع فاتح 110 وذو الفقار لأول في شهر تشرين الأول من العام الماضي.

من الملاحظ أن تصميم هذه الصواريخ يقوم على استخدام منصات إطلاق خاصة. وهذا يعني أن الروس بحاجة إلى التعامل ليس فقط مع الصواريخ

التي لم يقوموا باستخدامها من قبل، بل ومع منصات الإطلاق أيضًا، مما يتطلب تدريبًا جديدًا للطاقم. وكل ذلك مع أن إيران تمتلك

المزيد من الأنظمة المألوفة لدى العسكريين الروس والسوفييت، مثل النسخ الإيرانية لصواريخ منظومة “إلبروس” (المعروفة أيضًا باسم “سكود”).”

أي صاروخ باليستي أو صاروخ كروز يتطلب وجود بنية تحتية للصيانة خاصة به.

من الأفضل أن تتعامل مع الصواريخ التي يمكن أن يتعامل معها متخصصون بثقة، ويستطيعون التحكم بكل منظومتها من التحضير إلى التثبيت، فالتمويه والتشويش والاطلاق

وبالتالي وجود أفراد قادرين على القيام بكل هذه المهمات، وما إلى ذلك، بدلاً من استخدام صواريخ تتعامل معها للمرة الأولى.

يمكن القول إن المستوى الحالي للعلاقات بين إيران وروسيا لا يسمح بذلك.

هناك تصور نموذجي قديم للعالم، حيث تبدو روسيا قوية للغاية، والجميع يفكر فقط في كيفية إرضائها.

في هذه الصورة النمطية، يجب على إيران تجاهل مصالحها وعدم شن حرب ضد السعودية مثلاً.

فالصواريخ لا تُصنع كما تُخبز الفطائر. إذا نظرنا إلى المعلومات التي تم تسريبها من أجهزة الإعلام الغربية، فيما يتعلق بالمال

فقد طلبت إيران حرفياً من روسيا دفعات نقدية مقابل الدفعة الأولى من طائرات “شاهد”. بمعنى أن الصواريخ الباليستية لا يمكن انتاجها بسرعة.

وبالمنطق التجاري كيف يمكن بيع شيء لا يُقدر بثمن بالنسبة لمن يريد بيعه؟

علاوة على ذلك، تتمتع روسيا وإيران بتاريخ معقد من العلاقات، حيث توجد العديد

من الاختلافات بشأن قضايا متعددة، مما يجعل من المفارقة أن إيران وافقت على توريد “شاهد” لروسيا.

رغم هذه الافتراضات، لا يمكن نكران أن روسيا لن تحصل أبدًا على صواريخ من إيران

لكن في الوقت الحالي، لا يوجد ما يدعو لتوقع أن روسيا ستتلقى كل هذه الصواريخ الباليستية من إيران، لأن مستوى العلاقات بينهما لا يسمح بذلك.

 

لو كانت روسيا في وضع سيء تماماً، كما هو الحال مع الحوثيين في اليمن، ربما كان يمكن توقع ذلك.

ولكن هناك عامل آخر يؤكد أن روسيا تحاول الاعتماد على صواريخها الباليستية الخاصة.

فقد زاد معدل إنتاج الصواريخ الباليستية في روسيا، خصوصاً بالمقارنة مع العام الماضي، بشكل ملحوظ.

في شهلا كانون الثاني 2023، كان يتم إنتاج ما يصل إلى 5 صواريخ باليستية وصاروخين أو ثلاثة من نوع كروز شهريًا

أما الآن، في آب، ذكرت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية أن الإنتاج وصل إلى 30 صاروخًا باليستيًا و12 صاروخ كروز في الشهر.

علاوة على ذلك، هناك قصة وردت في أوساط روسية، ومفادها أن المجمع الصناعي العسكري الروسي

يعمل على مشروع لتحويل صواريخ الدفاع الجوي S-400 إلى صواريخ باليستية.

لكن الروس لا يخفون أن الإيرانيين يبيعون لهم وسائل القتال البري – مثل صواريخ “غراد” أو الصواريخ المضادة للدبابات.

إن استعداد إيران لبيع هذه الأسلحة لروسيا هو المشكلة بحد ذاتها.

الأمر الأهم في كل هذه السخافات الإعلامية التي يُعتقد أنها تدخل في باب تثوير وتجييش

الناخب الأميركي تُسقط من حسابها تلك المعلومات التي أوردتها وسائل الاعلام الغربية

نفسها عن احتمال حصول إيران على نظام إس 400 من روسيا التي يقال أن إيران تزودها بصواريخ بالستية، والتي ستقلص القدرة على توجيه ضربة محتملة لبرنامجها النووي”.

بمعنى آخر فإن مجمل الحديث عن احتياجات روسيا لصواريخ إيرانية، يمكن لروسيا

أن تحصل عليها من دول صديقة تتقدم على إيران بعشرات الأشواط من الناحية العسكرية والتكنولوجية

وبالتالي فإن هذا الكلام يدخل في باب المزايدات السياسية والتضليل الذي يحمل أهدافًا أخرى. فما هي؟

في أوكرانيا، يحاول الخبراء العسكريون وغيرهم من “الصقور” من معسكر مؤيدي زيلينسكي وكتلة معارضيه الحصول

على إجابة مباشرة من الغرب على سؤال حول سبب عدم السماح للقوات المسلحة الأوكرانية بإطلاق أنواع الصواريخ الأمريكية والبريطانية، والفرنسية في العمق الروسي.

لنتذكر أن منسق الاتصالات المعروف في البيت الأبيض، الأدميرال كيربي، صرح مرة أخرى بأن ضرب روسيا على عمق يصل

إلى 300 كيلومتر هو أمر “عديم الفائدة، حيث تم سحب معظم الطائرات المقاتلة التابعة للقوات الجوية الفضائية الروسية إلى ما هو أبعد من هذا الشعاع.”

ومن الواضح أن هذا التفسير لم يرضي “الخبراء” الأوكرانيين.

وتم تذكير الأميركيين على الفور بتصريحاتهم الخاصة التي مفادها أنه عندما يتم نقل الأسلحة إلى أوكرانيا، فإنها “تصبح أوكرانية”.

في إشارة إلى أن الأوكرانيين “يريدون أن يقرروا بأنفسهم أين يضربون بهذه الأسلحة”.

ولكن بما أن واشنطن أكدت مرة أخرى أنه من غير المسموح لها بضرب عمق أراضي الاتحاد الروسي

فإن هناك درجة طفيفة من خيبة الأمل في أوكرانيا تجاه حليفتها.

ومع ذلك، بالنسبة للمواقف الفردية للأشخاص المقربين من البيروقراطية، فإن هذه الدرجة متوسطة على الأقل، وتتحول إلى شديدة.

يوضح بيان كيربي أن كييف مقيدة بحركتها من الولايات المتحدة. وبطبيعة الحال، تشعر كييف بالإهانة من هذا، ولكن حتى أولئك الذين يحتفلون بحماسة خاصة

“بيوم الاستقلال” لا يستطيعون الذهاب مباشرة ضد راعيهم الرئيسي هناك.

في مناقشة “مجتمع الخبراء” في أوكرانيا فيما يتعلق بحظر استخدام الصواريخ طويلة المدى في عمق الأراضي الروسية المعترف بها دوليًا

رأوا فيها “زرادا-خيانة” – “اتفاقيات سرية مع العدو”. في الوقت نفسه،

كرروا في كييف مرارًا وتكرارًا أن بإمكانهم تجاوز أي خطوط حمراء – ويقولون إن روسيا لن ترد بأي شكل من الأشكال.

لكن في واشنطن، على ما يبدو، يعرفون جيداً ماذا سيكون الجواب – عشية الانتخابات – وإلا لكان قد تم تجاوز الخط الأحمر التالي منذ زمن طويل.

ومع ذلك، فإن الوضع هو أن الحظر المفروض

على استخدام خيار استخدام السلاح المذكور من غير المرجح أن يستمر إلى أجل غير مسمى.

خلال فترة ما قبل الانتخابات في الولايات المتحدة، يبدو أنهم غير راغبين في تحمل مثل هذه المسؤولية

ولكن بعد ذلك يمكنهم السماح بذلك، وطرح الأطروحة حول تحويل الأسلحة المنقولة إلى أسلحة أوكرانية مرة أخرى.

أولاً – كالعادة، دفعة صغيرة – كما يقولون، “فقط لنرى” ما ستكون عليه العواقب.

وإذا اعتبرت واشنطن أن رد روسيا مقبول تمامًا

فسوف تقوم بتزويد أوكرانيا بالمزيد من الصواريخ ذات المدى الأطول.

وهذا ما حدث مع أنواع أخرى من الأسلحة، مما يعني أنه من الواضح أنه لا داعي للأوهام بشأن هذا الأمر.

ولذلك، على الروس أن يكونوا مستعدين لمثل هذا التطور في الأحداث الآن، على الرغم من تصريحات المسؤولين الأميركيين.

خلاصة القول إن كل الكلام عن تزويد إيران لروسيا بصواريخ بالستية يمهد الطريق لأمرين:

استخدام هذه الورقة الرابحة في الانتخابات الأميركية من خلال التأثير على الناخب.

 

ثانيًا، السماح لأوكرانيا في مرحلة ما، وحتى قبل الانتخابات من استخدام الصواريخ في العمق الروسي حتى لو كلف ذلك فقدان الروس لرباطة جأشهم 

وهي السياسة التي لا تزال متبعة من قبل الكرملين، رغم جملة الانتقادات التي تصدر في روسيا من هنا وهناك رفضًا للأداء العسكري المتراخي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »