اخبار دولية

المهرج الدموي: رحلة صعود فلاديمير زيلينسكي إلى السلطة

قبل 4 سنوات تحديدا، أدى الرئيس الأوكراني والممثل الكوميدي سابقا، فلاديمير زيلينسكي، اليمين ‏الدستورية كرئيس سادس للبلاد، وفي السطور التالية يكشف الناس المقربين منه لـ”سبوتنيك” عن تحوله ‏المخيف، من ممثل كوميدي مشهور، إلى “متلاعب عديم الضمير وسياسي مختل مخمور بالدماء والأموال ‏القذرة”، وفق شهادتهم.‏

من هو فلاديمير زيلينسكي وكيف بلغ السلطة؟

كان صعود زيلينسكي إلى السلطة في أوكرانيا مذهلا، فهو ليس لديه خبرة في السياسة، ورغم ذلك فقد تفوّق الشاب البالغ من العمر 41 عاما على منافسه في الانتخابات الرئاسية في مايو/ أيار 2019، بيترو بوروشنكو، بهامش مذهل بلغ 49٪.

يقول الفنان المسرحي ورجل الاستعراض، ميخائيل غروشيفسكي، في تصريحات لـ”سبوتنيك”: “بعد أن عانى الأوكرانيون لسنوات من اليأس والفساد المستشري، والصراع السياسي الداخلي، وتعسف القوميين المتطرفين الذين أرهبوا المدنيين في شرق ووسط أوكرانيا، جاء زيلينسكي كرئيس لإرساء السلام، وكرجل وعد بالسلام لدونباس وكل أوكرانيا”.

وتابع: “أتذكر أننا استمعنا جميعا إلى خطابه الأول في رادا [البرلمان الأوكراني – سبوتنيك]، عندما تحول في حديثه من اللغة الأوكرانية إلى الروسية، وقال إن [الناس في شرق أوكرانيا] كانوا شعبنا: إنهم أعزاء لنا كأوكرانيين آخرين”.

أما عميد كلية الاتصالات الإعلامية والفنون السمعية والبصرية في معهد موسكو الحكومي السينمائي، ومؤلف كتاب “أيها الأوكرانيون! نحن روس!”، يوري كوت، فيقول: “لقد سئم الشعب الأوكراني، أولا وقبل كل شيء من السياسيين الراسخين، الذين كانوا يسرقون وكانوا كاذبين، وكانو يرغبون في المقابل بشخص جديد، لكن تم منحهم مهرج في النهاية”.

وأردف: “لم يكن ذلك المهرج (زيلينسكي) عاديا، بل اتضح أنه استخدم ثقة الناس لغرض واحد، هو الوصول إلى السلطة، والحصول على أقصى قدر من الشهرة ومبلغ من المال، ليس أكثر من ذلك”.

سيد التنكر”

لا ينسى يوري كوت، نظرة فلاديمير زيلينسكي الحاقدة له في بداياته الفنية، عندما فاز البرنامج الكوميدي الذي يقدمه في أوكرانيا، على أعلى نسبة تصويت كـ”أكثر العروض شعبية في أوكرانيا”، متذكرا:لقد كانت نظرة حادة وباردة، من الواضح أن هذا الرجل حسود للغاية، ومع ذلك، لم يكن لديه ما يُحسد عليه، فقد كان دائما يقدم عرضا شعبيا، ولكن هذا من هو، متعطش للنجاح ومهووس به.

وأضاف كوت أنه وزيلينسكي كانا أصدقاء، وواجها سويا مواقف مختلفة في الحياة، لكن زيلينسكي كان رجلا لديه أجندة خفية، و”عندما يقول شيئا فإنه لا يعكس اعتقاده الحقيقي”.

ويقول السياسي الأوكراني ورئيس سابق في البرلمان الأوكراني، فلاديمير أولينيك، لـ”سبوتنيك”: “زيلينسكي هو “سيد التنكر”، إذ تقمّص الآن هذه الشخصية الشيطانية بعمق، واعتقد أن العالم كله يستمع إليه، إن سلوكه الفاسد مع بابا الفاتيكان فرنسيس الثاني، وآخرين هو علامة على مرض تعطش الممثل للنجومية”.

وتابع: “لم يُشاهَد زيلينسكي إلا على خشبة المسرح، حيث كان يمزح، ويسخر من أوكرانيا، ووصفها بأنها “فتاة ليل أوروبية”، حيث قدم مثل هذه النكات عن رموز دولة لا يغفر لها كثيرون، ثم وصل إلى الرئاسة مباشرة، ولم يكن نائبا ولا رئيس بلدية، ليحكم عليه الناس بأفعاله وقراراته، فماذا يفعل غير إلقاء النكات؟”.

كما أشار أولينيك إلى أن “زيلينسكي لا يمارس دوره كرئيس لأوكرانيا بشكل جدّي حتى الآن، لكنه يلعب الدور فقط، وبينما كان الناس في السابق يسخرون من نكاته حتى بكوا، فإنهم الآن يبكون دموعا دموية”.

رئيس دمية جورب متلاعب به
أوضح الشهود لـ”سبوتنيك”، أن فلاديمير زيلينسكي لم يكن على الإطلاق سياسي مستقل، وإنما كانت رئاسته “مشروعا” تم تمويله وإعداده من قبل لاعبين أقوياء وراء الكواليس.
وقال ميخائيل غروشيفسكي: “من الصعب بالنسبة لي أن أحكم على من هو بالضبط مشروع زيلينسكي، لقد سمعت إصدارات مختلفة من الرواية، منها أنه مشروع من إعداد وكالة المخابرات المركزية البريطانية وجهاز “إم آي 6″ البريطاني، لكن الجميع يعلمون أنه تحت إمرة رجل بغيض اسمه كولومويسكي، وهو أوليغارش أوكراني، جلب زيلينسكي إلى عالم السياسة باعتباره تلميذه”.
وأشار غروشيفسكي إلى أن كولومويسكي “يخضع حاليا للتحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي “إف بي آي” بتهمة ارتكاب جرائم مالية، كما أنه سيء السمعة، بسبب تمويله ودعم كتائب النازيين الجدد والقومية المتطرفة سيئة السمعة”.
ولفت إلى أن كولومويسكي اعتاد السيطرة على واحدة من أكبر التكتلات الإعلامية في البلاد هي “1 + 1″، التي عرضت في عام 2012 برنامج زيلينسكي الكوميدي “Kvartal 95″، وفي ذلك الوقت تحديدا أسس زيلينسكي وشركائه شبكة من الشركات الخارجية، وفقا لما كشف عنه إصدار “أوراق باندورا” في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، من قبل مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد.
وعندما أعلن زيلينسكي، في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2018، عن نيّته الترشح للرئاسة، لم يُنظر إلى ذلك على أنه شيء غريب، إذ اعتقد بعض الأوكرانيين أنه سيقاتل من أجل المواطن العادي؛ وقالت مصادر لـ”سبوتنيك”، إن “الأوكرانيين كانوا على استعداد للتصويت لأي شخص باستثناء بوروشنكو، منافس زيلينسكي في الانتخابات الرئاسية، واعترف المراقبون الغربيون في ذلك الوقت بأن المسلسل الذي لعب بطولته جعل ذلك المجهول السياسي إلى مسافة قريبة من الرئاسة، وأشاروا إلى أن كولومويسكي هو داعمه القوي”.
وبحسب فلاديمير أولينيك، نقلا عن محامي كولومويسكي، فإن “فريق كولومويسكي لم يخطط في البداية لدفع زيلينسكي إلى الرئاسة، لكنهم كانوا يريدون الوصول إلى البرلمان الأوكراني، من خلال بوابة الحزب الذي تم إنشاؤه حديثا تحت اسم “خادم الشعب”، ومع ذلك، فقد قرروا أن يلعبوا دورا كبيرا، بعدما أدركوا أن زيلينسكي يتمتع بدعم الجمهور”.
وفي مارس/ آذار 2021، فرضت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عقوبات على رجل الأعمال، كولومويسكي وعائلته، ومن المفارقات أن فلاديمير زيلينسكي نأى عن حماية راعية السابق، وبحسب ما ورد، فقد جرّد كولومويسكي من الجنسية الأوكرانية في يوليو/ تموز 2022، ما قد يسهل تسليم الأخير إلى السلطات الأمريكية.
لماذا لم يصبح زيلينسكي رئيسا للسلام؟
على الرغم من تعهد فلاديمير زيلينسكي بإنهاء الحرب في شرق أوكرانيا، وتنفيذ اتفاقيات مينسك، واستعادة القانون والنظام في البلاد، إلا أنه لم ينفذ وعوده.
وفقا للسياسي الأوكراني، فلاديمير أولينيك، فقد “أصبح زيلينسكي جزءا من لعبة جيوسياسية أكبر بدأت منذ نحو 3 عقود بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية”.
وتابع موضحا، أن النخبة ذات العقلية الاستعمارية الغربية لديها خطط لإضعاف روسيا وتوابعها السابقة، ووضع أيديها على مواردها الهائلة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، والذي بعد سقوطه، ظلت كلا من روسيا وأوكرانيا قوية ومتشابكة، وهنا يقول أولينيك: “الطريقة الوحيدة لإضعاف الشعبين هي إثارة أمة شقيقة ضد الأخرى.
وبيّن أنه “عندما تسلم الرئيس الأوكراني الأسبق، فيكتور يوشينكو، الرئاسة في عام 2004، كان مناصرا للغرب، لكنه لم يستطع حل هذه المعضلة، بسبب التمثيل السياسي القوي إلى حد ما للناخبين في جنوب شرق أوكرانيا من قبل الحزب الشيوعي
والاشتراكيين، وحزب المناطق، التي لم تسمح للحكومة العميلة الموالية للغرب بقطع العلاقات مع روسيا والانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
وواصل: “في نهاية المطاف، مع حلول عام 2010، خسر يوشينكو الانتخابات الرئاسية لصالح فيكتور يانوكوفيتش، الذي قاد الدعم في شرق ووسط أوكرانيا، وفي ذلك الوقت، أدرك الغرب أنه لا يمكنه تنفيذ مشروعه في إطار الديمقراطية، وقام بترتيب انقلاب في كييف في فبراير/ شباط 2014، ليلجأ المجلس العسكري في كييف بعد ذلك لاضطهاد السياسيين المعارضين، والصحفيين، والمدنيين العاديين، باستخدام الجماعات شبه العسكرية النازية الجديدة، والقوميين المتطرفين، وأصبحت المذبحة المروعة في أوديسا نذير تحول أوكرانيا إلى دولة شبه قومية يديرها الغرب”.
وأردف أولينيك: “لقد كان الأمريكيون على يقين من أنه إذا أُريقت الدماء في نهر دونباس، فلن تصمت روسيا، لقد حسبوا كل شيء”.
ووفقا لعضو البرلمان الأوكراني السابق، فقد تم القيام بذلك لدق إسفين بين روسيا وأوكرانيا، وبالتالي تقويض كليهما، وفي ظل هذه الظروف، كان أمام فلاديمير زيلينسكي خيار، إما محاولة إيقاف آلة الحرب التي يديرها الغرب، أو أن يصبح ترسا لها، وقالت المصادر لـ”سبوتنيك” إنه “اختار الخيار الأخير، واستمر في ممارسة سلفه للاضطهاد السياسي والإرهاب ضد منافسيه، وقد أراق دماء أكثر بكثير من بوروشنكو ومجرميه من النازيين الجدد. 
وأكد يوري كوت: “لن تسمح له هذه القوى النازية بأي خط سياسي آخر، باستثناء متابعة خططهم الخاصة، أعتقد أن خوف زيلينسكي على مستقبله وعلى حياته هو الذي حوّل الرئيس، الذي وصل إلى السلطة بشعارات سلمية، إلى دمية، وربما كان لديه خيار: إما أن يظل مخلصا لوعود، وهو ما لن يكون سهلا، أو الخضوع للإغراء والحصول على ضمانات الأمن، وأن يصبح مليارديرا، ويكتسب شهرة عالمية، ويظهر على جميع المنصات الدولية في شكل متضرر من الأزمة الأوكرانية، بل ويمتلك قوة غير محدودة على أراضي أوكرانيا، وهي إصداره أوامر بقتل الناس
خائن
تعتقد المصادر، في تصريحاتها لـ”سبوتنيك”، أن “فلاديمير زيلينسكي يحاول في الوقت الحالي، البقاء لأطول فترة ممكنة تحت هذا الإغراء، ليكون لديه بعد ذلك وقتا للهروب بالمال، لكن من غير المرجح أن يتمكن من الفرار والتهرب من العقاب”، بحسب رأيهم.
ويقول أولينيك: “لا أتوقع منه شيئا جيدا في المستقبل، لأنه ذهب بالفعل إلى حد تجاوز “نقطة اللاعودة”، واعتبره فاشي بسبب إلغائه عيد النصر في أوكرانيا، الموافق 9 مايو، كما أنه خائن لجده، سيمين زيلينسكي، الذي نحن نكرمه، وحاز مرتين على وسام “النجمة الحمراء” في الحرب العالمية الثانية.
المصدر :سبوتنيك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »