هل هناك فصل بين الجبهات ؟؟؟
كتب المحلل والكاتب السياسي المصري سامح عسكر
لا فصل أبدا بين جبهتي لبنان و غزة لعدة أسباب ؛
أولا: فعليا الدم اللبناني والفلسطيني صاروا واحد، واختلطت روح المقاومة شمالا وجنوبا في جسد واحد..هذه عبارة يفمهمها المقاومين في الميدان أكثر من غيرهم، ويدركها المفكرين والفلاسفة لبعدها الثقافي والروحي…
ثانيا: لا يمكن لحزب الله أن يعزل نفسه عن غزة، فقد دفع ثمنا كبيرا لقاء ذلك، وفي حال العزل يكون مهزوما، وستؤثر هذه الهزيمة على وضعه بالداخل اللبناني، والحزب لن يغامر بوضعيته في الداخل بالذات، فهذا رأس ماله الأول، وحاضنته الشعبية التي ظل يبنيها لمدة 40 عاما.
ثالثا: الهدنة المقترحة سواء شهر أو شهرين، هي نفس الهدنة التي وافق عليها نصر الله قبل استشهاده، ورفضها نتنياهو، وملخصها، هدنة مؤقتة لتوفير جو من الثقة وضمانات لعقد صفقة تبادل في غزة ووقف المذبحة التي تجري..
في حال انقضاء الهدنة ولم يحدث الاتفاق مع المقاومة الفلسطينية سيعود الهجوم اللبناني وفقا لمبدأ وحدة الساحات الذي يعتبر من أكبر مكاسب المرحلة..
رابعا: نتنياهو كان قد رفض الهدنة الأولى بضغط من اليمين الديني، وقرر اغتيال نصر الله للتغطية محليا وإقليميا ودوليا على هذا الرفض، ولحصار معارضيه في الداخل ودفعهم لدعمه بعد الاغتيال لتوقع ردة فعل حزب الله وإيران…
خامسا: توجد ضغوط أمريكية وفرنسية كبيرة هذه المرة لإنجاز الهدنة، لسببين، الأول: الخسائر الكبيرة في تل أبيب وحيفا، واندفاع حزب الله في قصف المدينتين واقترابه من ضرب مؤسسات وأهداف حيوية استراتيجية، الثاني: توحيد الجهود الغربية لدعم أوكرانيا والتفرغ لروسيا بعد التهديد بالنووي.
سادسا: توجد ضغوط داخلية كبيرة من التيار العلماني الإسرائيلي لوقف الحرب والاكتفاء بما حدث واعتباره نصرا، زادت هذه الضغوط مؤخرا بعد موجات النزوح الإضافية من الشمال، وعقب إقالة جالانت، وبعيد قصف منزل نتنياهو واستغلال ضعف رئيس الحكومة وظهوره بصورة الهارب…
سابعا: الضغوط على نتنياهو بسبب قضايا الفساد المرفوعة ضده، هي التي دفعت الرجل لتوسيع حروبه ورفض أي هدنة أو صفقة لإيقاف المعارك، ربما حصل نتنياهو على ضمانات بتبريد هذه القضايا أو تجميدها من طرف بايدن أو ترامب…
ثامنا: الهدنة المقترحة لصالح لبنان وغزة معا، ويجب علينا دعمها لحقن دماء الشعبين، فنحن أمام مجرم حرب دولي مطلوب للعدالة،. ومن الحكمة استغلال أي ظرف أو أجواء توقف آلته العسكرية ولو بشكل مؤقت..
سيُسهم ذلك في تفكيك جبهته وداعميه في الداخل والخارج، وإضعافه على مستوى دولته بخفض الدعم الذي يتلقاه بفعل الصراع الذي يجري تصويره في إسرائيل على أنها حرب وجود…
وتأكد تماما أن المقاومة التي قدمت قادتها قربانا لقضية لا يمكنها التنازل عنها أبدا، فهي لم تعد قضية فلسطين وحدها، بل قضية الرأي العام العربي والإسلامي بشكل عام، ومحور المقاومة بشكل خاص، وعلى العدو الإسرائيلي إدراك بأن عدم حل مشكلة غزة يعني تصعيد الحرب وتوسعها، وليس فصل الجبهات عن بعضها مثلما يرغب…