قرن الإذلال ،لا يمكنها النهوض في ظل وجود الاستعمار

‏قرن الإذلال ،لا يمكنها النهوض في ظل وجود الاستعمار

كتب المحلل والكاتب السياسي المصري سامح عسكر 

في الصين يوجد ما يعرف ب (قرن الإذلال) أو (قرن الإهانة) وهو الفترة الممتدة منذ عام 1839 حتى عام 1949 التي كانت فيها الصين غير مستقلة، وتحكمها القوى الأوروبية واليابانية الأجنبية..

الصينيون وصفوا هذا الفترة بقرن الإذلال لكراهيتهم الشديدة للاحتلال الأجنبي، واعتزازهم بتاريخهم الذي شهد العديد من الحضارات كانت فيها الصين من القوى العظمى في زمانها..

هناك تقديس غير عادي للزعيم ماو تسي تونج (1893- 1976) بسبب انتصاراته العسكرية وتوحيده للبلاد وتخلصه من الاستعمار الأجنبي، ولأسباب أخرى كالثورة الصناعية الصينية التي بدأت في عهده ونهضة التعليم وحقوق المرأة وغيرها..حتى أن النظام الحالي في الصين يعتبروه امتدادا لفضائل ماو، وصورة هذا الرجل تقريبا في كل بيت صيني..

أيضا هناك تقديس لبعض الزعماء الذين فعلوا ما فعله ماو، كالإمبراطور تشين شي هوانج (259- 210 ق.م) مؤسس حكم أسرة تشين، والأمبراطور تايزونغ تانج (598 – 649م) مؤسس حكم أسرة تاتغ،والسبب أن هذين الزعيمين وحدا البلاد بعد فترة اضطرابات وانقسامات وتدخلات أجنبية..

الشعب الصيني منغلق للغاية، ويكره حكم الأجانب والاحتلال أو التحكم في قراراته من سلطة غير صينية، وهذه النزعة فيه حوّلته من مشروع شعب محتل، إلى شعب ناهض في فترة زمنية قصيرة نجحت فيها الصين للصعود كقوة عظمى مثلما كانت في القرون الوسطى..

مهم نزعة الاستقلال والحرية لأنها هي التي تدفع الإنسان للعمل والإنجاز، ولعلاج مشكلاته بطريقة عملية، مثلما عالج ماو تسي تونج مشكلة إدمان الأفيون، التي تسببت فيها بريطانيا فيما يعرف بحرب الأفيون (1839- 1860) وإعاد الوعي المفقود مرة أخرى للشعب الصيني بعد قرن من الإذلال مثلما أشرنا في المقدمة..

الصين الآن هي أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج القومي الإجمالي المعروف بمعادل القوى الشرائية ب 37 تريليون دولار، أكبر من الولايات المتحدة التي سجلت 29 تريليون دولار واحتلت المركز الثاني، أيضا هي أقل دول العالم فقرا بنسبة 3% فقط، ومن أكثر الدول حصولا على براءات الإختراع وتقدما في برامج الذكاء الاصطناعي..

النهضة الصينية حصلت لأسباب كثيرة، أبرزها (عشقهم للحرية) وكراهية (الاستعمار الأجنبي) ورفضهم الشديد وحساسيتهم لأي تدخل أجنبي في شئونهم، أو حتى مجرد الشك في حدوث هذا التدخل..

رسالة أن الدول لا يمكنها النهوض في ظل وجود الاستعمار، أو فقدان الحرية الاختيارية، وغريزة البشر جبلت على ربط الإنجاز بالحرية، وأنه طالما وجد الاحتلال وجد التخلف والجهل والضعف..