جعجعة معراب دعوة خراب
د. محمد هزيمة كاتب سياسي وباحث استراتيجي
بعيدا عن المواقف السياسية وتأثيرها على الواقع فإنه بلا شك يتبادر إلى الأذهان أن حكيم معراب يعاني حالة انفصام وجنون أوصلته لهلوسات يعيشها نشوة في قرارة نفسه متوهما انتصارا للعدو الاسرائيلي لاقى حلم يدغدغ نفسه ولم ببارحه وكثيرا ما صحى منه على كوابيس أعتبر أمس انها اللحظة المناسبة لنهايات سوداء استوطنت مسيرته بجافل فشلها ومسيرة الانقلاب حتى على الرفاق ومحاولة اصطياد الفرص التي استغلها حكيم معراب وعرض رؤيته لخارطة طريق لحل أزمة لبنان ،لكن بحقيقة الواقع يبقي جعجع بذاته وفكرة اخطر ازمات الوطن، والكارثة وجوده بالحياة السياسة وما تحوي من مشاريع انعزال والطامة الكبرى أن يتحول من أصحاب القرار في موقع القيادة ، وحتى على الهامش
فلماذا حقده اليمين داخل لبنان على الطائفة الشيعية تحديدا أكثر من سواها وهو ليس إلا لأن مبادئها تتعارضمع نهج الانعزال والتبعية للغرب وتفريغ لبنان من قراره ؟؟!
نعم وبلا شك أن الشيعة كان لهم الشرف على الدوام في اسقاط مشاريع التقسيم وعصر الكانتون التي اندسر فيها حلم جعجع وامثالة امام رؤية الطائفة الشيعية ومشروعها الوطني وتمسكها بالتعايش الذي يتعارض مع عنصرية وفكر انتمي إليه سمير جعجع اراد فيه لبنان بلا مسلمين وحتى دون قسم من المسيحيين لا يشاركون العداء للغير،
وسياق الأحداث يثبت أن نمط الانعزال تحول مرض كمن في نفوسهم متجاوزا الزمان والمكان وبقي ينتظر ظروف سياسية مناسبه ليطل مجددا “حلم الكانتون” عند أقلية منهم جعجع، يعتبر حدود دولته من المدفون إلى البربارة وطالما رفعه شعار “حالات حتما”
واليوم يرى قائد المجلس الحربي للقوات أن الزمن قد حل وبدأ عصره الذهبي بعدما أنجزت اسرائيل له المهمة وما المطلوب منه الا قيادة المشروع الذي توسع لكامل الوطن وربما ابعد بعد أن فهم حكيم معراب نتيجة المعارك حسب أمنياته وفيها “أن العدو الصهيوني خلصه نهائيا من حزب الله” وقدم له لبنان على طبق من ذهب مرفقا بدعم دولي وغطاء عربي مقابل التزام جعجع قيادة مشروع السلام مع العدو الاسرائيلي وتحوله عراب التطبيع في منطقة الشرق الأوسط التي تتناسب مع عنصريته ولهذا برر مع فريقه للعدو حربه محملين المقاومة التي تدافع عن لبنان المسؤولية كما تسرع كبير معراب في حسم النتائج قبل أن تنتهي المعارك في الميدان مستعجلا قطف ثمار سياسية متسلحا كعادته بأكاذيب لم يصدقها هو نفسه وهو يعيش تحت لهيب جمر استكمال القضاء على المقاومة حتى انه قد زايد على العدو باعلانه ان جيشه احتل مساحات كبيرة من لبنان وتم تنظيفها من مقاتلي الحزب والذي بحسب جعجع أيضا انه فقد كل صواريخه الدقيقة وبهذا تفوق على قادة جيش العدو بتبنب عملية منع تساقط الصواريخ على الكيان حيث قال كبير معراب حرفيا:
أصبح رد الصواريخ سهلاً على الإسرائيليين ولم يكتفي متوعدا بمرحلة ثانية من الغزو البري الى لبنان ومهددا بثالثة ومبررا لها لأنها ضمن مفهوم قائد الكرنتينا السابق ان هدف العدو إبعاد حزب الله عشرات الكليومترات عن الحدود كي لا تصل صواريخه إلى إسرائيل وما كان ينقص حكيم معراب الا عبارة :
“اجمع شملك …” لحظة قال بلسان الواثق “ان إسرائيل إنجزت الشق الميداني من الحرب” ولم يتبقى على رئيس أكبر كتلة برلمانية إلا قيادة المرحلة ورسم خريطة طريق تحكم مليشيا القوات بالسلطة ليتولى هو بنفسه مهمة مواجهة الداخل بعملية نزع سلاح حزب الله في كل لبنان وعزله من الحياة السياسية وعدم إشراكه في أي حكومة إلا بعد إعلان استسلامه ولم يكتفي بهذا الحد وتابع احلام اليقظة مزايدا على الأميركيين أنفسهم الذين أبلغت سفيرتهم المعارضة خلال اجتماع عقد غداة استشهاد السيد حسن نصرالله أن حزب الله انتهى وعليكم التطلع لمرحلة ما بعد الحزب الا ان جعجع أفاض مكنونات نفسه وباح حقيقة هواجسة وتمنياته بإن من انتهى هم الشيعة وليس حزب الله بل إن الطائفة اصبحت من الماضي والمطلوب إعادة بناء دولة بتوازنات نتائج المعركة وفيها اول خطوة “عقد جلسة انتخاب رئيس جمهورية دون النواب الشيعة وبلا دعوة رئيس مجلس النواب” فدولة الرئيس نبيه بري راس طائفة انتهت وبرؤية جعجع يجب أن ينتهوا جميعا واذا كان العائق الدستور فأفتى المحكوم مؤبد بجريمة قتل من أعلى سلطة قضائية بان المناصفة بينَ المسلمين والمسيحيين متيقنا من خنوع باقي مكوّنات الوطن طوعا له ومعهم المسيحيين الذين سيخضعون ويطوبوه حاكما وقائد قبل أن يكون رئيس جمهورية وأن أي مكون لن تتجرأ على معارضته سواء من قوى درزية أو سنية فالرجل يعرف أنه صاحب باع طويل في الإجرام وخرج من السجن بموجب قانون عفو بقياسه وهذا التاريخ يفرض على الجميع الانصياع له والسير بواقع فرض على أنقاض طائفة بقدها وقديدها ولم يشفع لها تاريخها ولا امتدادها بل تحولت بمفهوم رئيس حزب اليمين المتطرف حليف اسرائيل السابق جزء من الماضي يفرض الاستعجال بقلب النظام السياسي للتخلص من الشيعة بسلاح الدعم الدولي لتطبيق القرارات الدولية التي لن يسمح حاكم معراب ان تقف أمام تطبيقها حدود السيادة الوطنية طالما هي بخدمة مشروعه الانعزالي الذي يقوم على استئثار اليمين بالسلطة والاطباق على الوطن والامساك بالادارة من خلال مشاريع تهدبد السلم الأهلي فقائد مليشيا القوات لا زال يعيش الحرب الأهلية باديولوجيا عرقية مذهبية لا تنتمي إلى العروبة ولا تقبل الاسلام ولا واقع المحيط العربي وبرغم خطورة مشروعه الا انه لم يكن لكلامه اي تأثير أو انفعال عند طائفة المقاومة ولم تعير جعجع وكلامه اي انتباه فالقرار للميدان وبعض الرد جاء من أوساط مسيحية اعتبرت الخلاف مع حزب الله لا يعني عزل طائفة بأكملها
والمسيحيين الذي رفعوا شعار الميثاقية في كل معركة لن بقبلوا أن يُمارس على غيرهم ما لا يقبلوه على أنفسهم
وفي السياق عنه سألت مصادر قيادية في الحزب الاشتراكي عما إذا كان جعجع قد أخذ رأيهم في بالأمر أم أن جعجع يظنّ بأنه يقود الجميع ويقرر عنهم
فماذا أراد جعجع بكلامه يا ترى؟؟؟ وهل يؤسس لمرحلة اليوم التالي بعد الحرب ويهدف لإدخال لبنان بحرب داخلية وانقسام سياسي يقضي على ما تبقى من العيش المشترك والتنوع في لبنان تمهيدا لمرحلة المطالبة بفدراليه!!!
طالما حلم الكانتون يعيش داخل جعجع الذي تحول مرض يقضي على ما تبقى من المسحيين في لبنان