اخبار لبنان

بين الحطام والصمود: بعلبك تقاوم العدوان الإسرائيلي

انطلقت أحداث طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 التي أشعلت الموقف في المنطقة، لتتوالى بعد ذلك تداعياتها في مختلف الأصقاع وصولًا إلى السياق اللبناني، حيث توسعت رقعة العدوان الصهيوني لتشمل عدة مناطق لبنانية ذات طابع تاريخي كمدينة صور، النبطية وبعلبك

بين الحطام والصمود: بعلبك تقاوم العدوان الإسرائيلي

 

كتبت إسراء الرشعيني

 

انطلقت أحداث طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 التي أشعلت الموقف في المنطقة، لتتوالى بعد ذلك تداعياتها في مختلف الأصقاع وصولًا إلى السياق اللبناني، حيث توسعت رقعة العدوان الصهيوني لتشمل عدة مناطق لبنانية ذات طابع تاريخي كمدينة صور، النبطية وبعلبك

 

 إضافة إلى التأثير الأمني، كان للعدوان الاسرائيلي تداعيات على الحياة الاقتصادية في لبنان، وخاصة مدينة بعلبك التي يعتمد اقتصادها المحلي على ثلاثة عناصر أساسية: السياحة، الزراعة والتجارة. تأثرت هذه العناصر تأثرًا مباشرًا نتيجة القصف الإسرائيلي المتكرر على مدينة بعلبك ومحيطها بدءًا من شهر أيلول 2024 حتى تاريخ اليوم.

 

تعتبر بعلبك وجهة سياحية بارزة تستقطب الزوّار من مختلف أنحاء العالم عربًا وأجانبًا ولبنانيين، نظرًا لاستحواذها على أهم مجموعة من المعالم الاثرية والتاريخية، والفنادق، والأسواق التجارية ذات الطابع التراثي وأماكن الاستراحة مما يساهم في تنشيط الحركة التجارية والاقتصادية وجعلها مدينة ديناميكية.

 

وفي هذا السياق، أكد رئيس بلدية بعلبك الاستاذ مصطفى الشل، أنه “منذ بداية طوفان الأقصى حتى بدء العدوان على المدينة باتت الحركة السياحية تساوي واحد بالمئة”.

 

وأضاف الشل أنّ المردود السياحي للمدينة في الفترة ما بين بداية عام 2023 وشهر سبتمبر كان قد بلغ نحو 53 مليار ليرة لبنانية ما يعادل استقطاب حوالي 250 ألف سائح أجنبي وعربي، بالإضافة إلى الحركة السياحية الداخلية ذات الطابع الديني حيث بلغ عدد زوارها المحليين حوالي مليون شخص، وبدورهم ساهموا في تنشيط الحركة الاقتصادية في المطاعم والمقاهي وأماكن الاستراحة مثل مرجة رأس العين وأماكن دينية مثل مقام السيدة خولة ومسجد الإمام الحسين وتمثال السيدة مريم.

 

في المقابل، شهدت المدينة عام 2024، حتى شهر سبتمبر، أي نفس الفترة الزمنية، انخفاضًا كبيرًا في المردود السياحي، حيث تراجع نحو مليار ليرة لبنانية فقط، ما يعادل استقطاب ما يتراوح بين 5000 و6000 سائح أجنبي وعربي. هذا تراجع لافت في نوعي السياحة الخارجية والداخلية. هذا التراجع الكبير في الأرقام يعكس تأثيرًا واضحُا للأحداث الأمنية الراهنة.

 

وتابع الشل قائلاً أن منذ بدء العدوان انعدمت السياحة كليًا في المدينة، كما شهدت نزوح اهلها وسكانها بنسبة 70% نحو المناطق الاكثر أمنًا، حيث تحولت بعلبك من مدينة جذب سياحي تاريخي وتجاري بامتياز إلى مدينة تعاني من الركود السياحي والاقتصادي.

 

وفي هذا الوقع، إضافة الى ما شهدته مدينة بعلبك من عدوان سياحي غير مباشر، طال العدوان ايضًا المواقع الأثرية والتراثية، حيث تضررت ثكنة غورو الفرنسية جراء قصف السور الاثري او ما يعرف ببواية ايعات للمدينة بصاروخ إسرائيلي ما أدّى إلى انهيار ٣٠ مترًا منه، إضافة الى قصف مباشر ل مبنى *المنشية* الذي يعود الى فترة الانتداب الفرنسي وتحديداً لعام 1928 المقابل للمعابد الرومانية، حيث  تضرر فندق بالميرا نتيجة هذا القصف والذي يعتبر أقدم فندق في الشرق الأوسط حيث يفوق عمره 150عام، وقد مرّت عليه شخصيات سياسيّة وفنيّة كالسيدة فيروز والشحرورة صباح وغيرهم. أمّا أوّل عدائها قد أصاب قبة دورس المركزة على ستة عواميد.

 

هذه علامة واضحة المعالم تبرز أنّ الإعتداءات الإسرائيلية لا تستهدف أهدافًا عسكريًا فحسب، بل إنها تستهدف التاريخ والحضارة، وأي بقعة جغرافية مدرجة على لائحة التراث العالمي ومحميّة من منظمة الأونسكو ستكون تحت مرمى عدوانها طالما هي شاءت ذلك.

 

في جولة ميدانية لمدينة بعلبك، شهدنا تواصلا مستمرا لبعض أصحاب المحال التجارية، تعكس الروح التنافسية على إستمرارية أعمالهم وبقائهم في السوق على الرغم من الاعتداءات الهمجية.

 

(“تشير التقديرات إلى أن نسبة التجار الذين استمروا في فتح محلاتهم التجارية في وسط بعلبك لا تتجاوز ال 10%، يقابله حوالي 30% في الأحياء).

 

 وتبين لنا أن تجّار  مدينة بعلبك يعتمدون بشكل أساسي على الزوار من مختلف المناطق اللبنانية والسياح، خاصةً يومي السبت والأحد اللذان يمثلان الفرصة الذهبية لهم لتحقيق البيع المثالي والربح التام. لكن في ظل التهديدات الإسرائيلية المتكررة، أحدثت تغييرات في أنماط الإقبال على المحال التجارية في بعلبك على اختلاف أنواعها واستقرارها، وبترت مقومات العمل حتى أصبحت نازحة أي اليد العاملة.

 

وأضيف إلى تغيير في توقيت فتح المحال وإغلاقها فبعد أن كانت تفتح صباحا وتستمر حتى المساء، باتت اليوم تغلق عند الساعة الثانية، وعندما تدق أجراس التحذيرات تغلق إلى أن يصبح الوضع أمنًا. حتى المقيمين باتوا يشترون فقط رغيف الخبر ومستلزمات المائدة، والدواء إن احتاجوا.

 

ولفتنا إلى أن بعض أصحاب المحال يعوضون الخسارة بربح ذكائي أي يستبدلوا البيع المحلي بالبيع الممتد نحو المناطق  الأكثر أمنًا وتجاور بعلبك ك منطقة عرسال.

 

عطفًا على ذلك، فإن هذه الأحداث الامنية، أثّرت على زيادة نسبة البطالة التي تعود لعدة عوامل:

 

١-النزوح القهري

 

٢-إقفال ٨٠% من المحال التجارية على إختلاف خدماتهاوأصنافها.

 

٣- وأصحاب الأرض الذين تركوا المحاصيل الزراعية والخيرات في ترابها ونزحوا.

 

أما اصحاب المهن الحرة كالنجار والحداد والعمّال اليوميين فأحاولهم حدث ولا حرج في هذه الاوقات العصيبة حيث كانوا يعملون كل يوم بيومه لتأمين قوتهم وقوت عائلاتهم أما اليوم فهم في ظرف معيشية صعبة.

 

علاوة على ذلك، وبالرغم من كل هذه التحديات القهرية إلا أن أهل بعلبك يحبون الحياة، والبقاء من لقمة عيش يَعرق الجبين كي تصبح في الجيب، فكل واحد منهم يحارب على طريقته، فصبرًا جميلا على الظلم كي نبصر نور النصر مجددا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »