الرهان على الولايات المتحدة الآن هو رهان خاسر
كتب المحلل السياسي المصري سامح عسكر
الشعبية الآن لمحور المقاومة، وهي شعبية غير مسبوقة في تاريخه، حصل عليها بالتضحيات والآلام معا، فضلا عن القضية الإنسانية والمشروع الأخلاقي الذين يرفعهم..
لو خيرت كرئيس دولة بين حماية الولايات المتحدة ورغبة الشعوب لاخترت الثانية فورا دون تردد، فالولايات المتحدة في أضعف حالاتها، وهي متورطة في عدة حروب صعبة ومعقدة تستنزف مقدراتها وتذهب بالشعب هناك لحالة غضب واستنفار دائم..
الرد الإيراني بات قريبا، توقعت أنه منذ يومين وفقا لمعطيات حركة الصواريخ بإيران، واستنفار قادة الجيش هناك الذي قرروا المشاركة في الرد مع الحرس الثوري، وهي سابقة لم تحدث منذ عقود أن اجتمع الجيش والحرس الإيرانيين في مهمة عسكرية كبيرة بهذا الحجم..
المتوقع أن يحدث تصعيدا وفقا لطبيعة الأهداف، وتهديدات الولايات المتحدة بالتحلل من الضغط على إسرائيل في حال قررت ضرب المشروع النووي هو (تهديد خوف) لا عن ثقة وقدرة على إنجاز هذا التصرف الذي بات يعرف بأدبيات العسكرية مؤخرا، أن ضرب النووي الإيراني يعني حرب إيرانية إسرائيلية شاملة تصبح فيها الأهداف المدنية بإسرائيل عسكرية..
دول الخليج في موقف صعب، فهي في مرحلة تحول تدريجي من الاعتماد على الولايات المتحدة إلى تعددية قطبية تنهي ابتزاز قادة أمريكا الذين طفوا على السطح مؤخرا، ولذلك دخل بعضهم البريكس، وتكمن صعوبة موقفهم في سيطرة (الدعاية) على العقل الجمعي العربي في الخليج..
فأشقائنا في بعض دول الخليج يعتمدون خطابا دبلوماسيا مختلفا عن الدعاية التي يصدرونها لشعوبهم وللخارج، فالسياسة الخليجية بالظاهر مرنة ومحايدة وغير منحازة، لكن الدعاية (الإعلام والفضائيات) مصطفة بجانب إسرائيل بشكل كبير
خصوصا القناة التي تشن هجوما حادا على المقاومة كل يوم تقريبا ببرنامج خصصوه لجاسوس لبناني يخرج يهدد الناس بالقتل، في تصرف إعلامي غريب أن يتصبح منابر الفضائيات ساحة تهديد يومي بالقتل..!
الدعاية التي تسيطر في الخليج ستدفعهم للتعاون مع إسرائيل واعتبارها مصدرا موثوقا، بينما شيئا فشيئا يتحول الإعلام الخليجي (لهدف عسكري) عند محور المقاومة في حال امتلكوا القوة لتطويعه، وبيان حزب الله منذ أيام ضد بعض القنوات السعودية ينذر بتحول آلة الإعلام لهدف عسكري..
كذلك تكمن أزمة دول الخليج في مخرجات ومنتجات هذا الصراع، الذي يبدو أنه يذهب إما لصالح اليمين الديني الصهيوني وهو توجه مختلف عن العلمانية الطموحة الصاعدة خليجيا، وإما لصالح اليمين الديني الإسلامي (شرحه)
وأعتقد أن – كما أشرت مسبقا- أننا في مرحلة تصفية حساب مع الماضي، فالعلمانية الطموحة الصاعدة لن تأتي بالتنظير والقرارات السياسية
بل بتضحيات كبيرة وصدام مع الماضي والتاريخ، لذا فلو كنت ناصحا للخليجيين فأنصحهم بأن يبتعدوا عن الاصطفاف الدعائي مع إسرائيل
سيجعل ذلك تكلفة الانتقال ضخمة للغاية، وفي تقديري أن الحياد الصعب يمكن تحقيقه إذا ما توفرت النوايا الحسنة + الرغبة والقدرة على ترجمة هذا الحياد لأفعال