انتصار لبنان من الميدان اسقط معركة تغيير الهوية
كتب الدكتور محمد هزيمة- كاتب سياسي وباحث استراتيجي
رغم الجراح وكثرة والألام انتصر الوطن على العدوان وأثبت ان “قوة لبنان في مقاومته” تدعمها إرادة شعب فاق بصموده إدارة التوحش العدو الاسرائيلي ، رغم دعم الغرب برعاية أميركية
كشفت فيها إدارة البيت الأبيض عن وججها ومارست الابتزاز على لبنان وحكومته لتفرض شروطا سياسية أمنية
وعسكرية تشكل انقلاب على لبنان وتنقله إلى ضفة أخرى تخرجه من دائرة الوجود وصناعة قراره السياسي إلى حظيرة التبعية
لسلوك درب التطبيع بقناع “إعادة بناء الدولة” كما فالت سفيرة واشنطن في بيروت لزوراها “التهيىة لما بعد حزب الله” وترأست اجتماع نواب المعارضة على أنقاض شعب بلاد
تماهت معها احزاب اليمين ولحقهم آخرين سقطت اخر اوراق التين عن عوراتهم ولبسوا ثوب الاستسلام لملاقاة المشروع الأميركي الذي يناسب عنصرية متجذرة في نفوس تربت على الحقد
وعدم قبول الآخر، ركبت سفينة المقاومة بمرحلة الغرق لتحمي وجودها امام عواصف المنطقة وتوجد لنفسها مشروعية وطنية
انهارت امام مصالح شخصية برياح غدر اعتادوها وتجارة مواقف وكسب مناصب، بلحظة حرجة كشفت احجام القوى كافة، واماطت اللثام عن وجوة مرجعيات ومواقع دينية واحزاب استعجلت النتائج متوهمة نهاية المقاومة
وبداية مشروعها الذي لا يتحقق إلا بانتصار العدو الصهيوني على لبنان وقبول مقاومته الخسارة، والتسليم بواقع “شرق أوسط جديد”
حجزوا مواقعهم القيادية فيه وشحذوا الهمم على وقع مجازر تزرع في قرى وأحياء مدن لتفرض الاستسلام بشروط اسرائيلية
حملها الأميركي الى لبنان ومعه الفرنسي واضافت عليها احزاب الداخل من اليمين أمانيها، باعتبار أن هوية لبنان تفرضها الأساطيل الأميركية وصدى غارات صهيونية تدمر الوطن تقتل أبناءه
والمؤسف أن احزاب المعارضة بررت العدوان محملة المسؤولية لمن يدافع عن وطنه أرضه وشعبه ويتمسك بقضيته، فذلك يتعارض مشروع “الشرق الأوسط الجديد” الذي أجهض اول مرة في حرب تموز ٢٠٠٦
واليوم تموت أمه رجما بعد حملها سفاح من جديد مشروع هيمنة أميركي تستعبد فيه اسرائيل شعوب المنطقة
“بخط الحرير” لربط الشرق بالغرب يحول كيان اسرائيل قوة اقتصادية تتحكم بسوق النفط والغاز من شرق المتوسط لدول أوروبا الغربية، وهذا يحتاج جوار أمن ودول صديقة
لحكومات مطبعة وتشكل هذه المعركة أولى خطواته في “صراع هوية المنطقة” بدء من لبنان حيث اعتبرتها اسرائيل “حرب وجود” تؤسس لبداية المشروع الاميركي ـ الاسراىيلي
في المنطقة واعتبرته القوات والكتائب وقوى اليمين فرصة لتحقيق مشروعهم بالسيطرة على لبنان تقاطعوا فيه مع الكنيسة التي دأب سيدها على مطلب الحياد وإخراج لبنان من داىرة الصراع مع العدو الاسرائيلي
ووجدت هذه القوى مجتمعه مضافا إليها تيار باسيل بالحرب لحظة مناسب لانقلاب يعيد امتيازات سلبها الطائف، وسلبت التيار الوطني الحر من موقعة حليفا لدودا للمقاومة قرابة عقدين
بإنقلاب استبق تغيرات قادمة على متن حرب تغير وجه المنطقة تحت تأثير رياح المطالب الأميركية ، الخاضعة بدورها لمقصلة توازنات العالم الجديد وصعود نجم ايران
وما تحمله صناديق الاقتراع إلى البيت الأبيض بعد أن تحولت حرب غزة ولبنان ورقة في انتخابات هي الأصعب بتاريخ بلاد العم سام التي تنتظر رد إيران على اسرائيل وحجمه وتجهل حدوده
بفترة عصيبة على إدارة البيت الأبيض الحالية قبل أن يتبين الخيط الابيض من الأسود من قبول النتائج وسلامة العملية داخل أميركا
حيث بدأت تضج باصوات مقترعين على اصداء جبهة الشرق الأوسط الملتهبة ووعورة الميدان وصعوبته اضطر جيش العدو الاسرائيلي الهروب عن الحدود مع لبنان بعد مواجهات تجاوزت الشهر وعجزت فيها فرقه والوية النخبة من تحقيق إنجاز تقدم بسيط او احتلال بلدة حدودية
لو صغيرة رغم الأثمان التي تكبدها جيشهم واعتماده سياسة الأرض المحروقة يقاتل بطريقة انتقامية ،عجز عن حماية كيانة بوقف صواريخ المقاومة
او مسيراتها عن اصابة أهدافها ، وفشل بإعادة مستوطنيه كما سقط خيار خلق منطقة عازلة لإبعاد المقاومة عن الحدود
والاهم أن شروطه السياسية انهارت وسلمت اسرائيل بخسارة الميدان في جنوب لبنان بهروب هو خطوة أولى وكبيرة في مسار صنع انتصار لبنان